dinsdag 11 september 2012



زهرة الخشخاش
مثل حسنة على خد الربيع ، ومثل قبلة مراهق سريعة ، طفيفة ومعبأة بالنزق ، بلونها البرتقالي الفاقع رأيتها هذا الصباح على حافة الرصيف المخصص للمشاة على الطريق من محطة هيلفرسم نوورد  وميس باومان بولفارد حيث تشكل الاشجار نفقا  اخضرا ترتاح الرئة لرؤيته.
رايتها تنمو على طول شبكة السكك الحديدية التي تقطع هولندا طولا وعرضا، لا تلفظها تربة من الطينية السوداء في ناحية أرميلو وألميلو الى رملية في منطقة بتوا وخيلدرلاند انتهاء بمرتفعات ليمبورخ في الجنوب. تذكرني مقاطعة زيلاند وشمس الربيع وبداية الصيف تسطع على المرتفعات المحيطة بجداول كراونيغن يرسكا حيث مزارع المحار والمطاعم المتخصصة القائمة على انتاجه في زيلاند . هنا في زيلاند تلتقي خشونة السكان الناجمة عن احتراف مهنة صيد السمك بنزعتهم الدينية المحافظة القادمة من حزام الكتاب المقدس حيث تسود الوان السترات السوداء والفساتين السوداء واغطية الرأس في أيام الآحاد في آرناماودن ، ستائر البيوت مسدلة ومحلات بيع البطاطا المقلية والوجبات الخفيفة مغلقة. قال صديق متضايق من مظاهر تدينهم التي تقتل بهجة ايام الاحاد بأن خلف الستائر المسدلة أعين جائعة تتطلع لافلام العري على شاشات اجهزة التلفزة المسطحة.

ها هي تنمو هنا على طرف هذا الممشى الطويل الممل الذي لا يوحي أكثر من الغرض الذي صمم من أجله، العبور بصمت وعجلة ناحية المدينة الاعلامية حيث مطابخ الاخبار التي توزع نيئة في بعض الاحوال.
هل تقول شيئا زهرة الخشخاش بلونها المخاتل المتحول من قتامته الصباحية الى الباهت في منتصف النهار، قد تصلح في باقة مشكلة من الزهور . سألت صاحبة متجر للزهور مرة هل لألوان باقة الورود معنى بعينه؟ أجابت مستغربة بالنفي، قلت لها أن زميلي في العمل قد نصحني بتجنب اللون الاحمر إن كنت بصدد اهداء ورد لامرأة لا رغبة لي فيها كرجل. لم تؤكد مقولة زميلي ولم تنفيها فعدلت عن سؤالها مرة اخرى إن كان اللون الاصفر هو لون الموت.
زهرة خشخاش وكفى، لا بل وخجولة ايضا أبت أن تسكن حتى التقط الصورة بالمهلة التي أريد ، لا يمكن تحميل لونها أكثر من بهجته المكتفية بذاتها. الزهور لا تتحدث ولا توضع في جدول يختصر معانيها وأعراض مستخدميها، هي زهرة مطلقة إن اهديت إليك فلا تجتهد في تفسيرها ولكن يمكنك الاجابة عليها بالطبع بزهرة اخرى.
إبراهيم حمودة – لاهاي
يونيو 2012
Ibrahimhamouda777@hotmail.com

donderdag 19 juli 2012


موت الظل
أقع في ظلي ، كما تقع المدينة في ظل المطر فلا يصيبها منه شيئ. لا يصيبني منه حزن ولا فرح هذا الظل المفلت من شفقتي ومن خطوتي اللاهثة خلفه ولا تدركه في كامل المسافة من هيلفرسم نوورد الى الميديا بارك جنوب حيث المحطة التي اقتلعت مظلتها الزجاجية التي تزينها إعلانات مسرفة في استخدام الايحاءات الجنسية حتى وإن تعلق الامر بطعام هرة أحسنت صاحبتها اطعامها ولم تحبسها.
يعايرني بالفناء ، ظلي، وحذائي الشمواه الضارب للحمرة يكاد يدوس على موضع القدم منه ولا يدركه. أنا الانسان المنتمي لعصر الاولوية  التي تشترى بالمال Fast track of priority lane ولكني أعافها بما هي عليه من استسهال مجرد من الحياء لكسب المزيد من المال. في مثل هذا الصف الذي يتيح الاولوية يمكنك دفع حفنة اضافية من النقود لتجنب الوقوف في صف الصعود الى الطائرة ، فتكون أول الصاعدين، ثم ماذا بعد؟ ستنتظر صعود البقية بالطبع قبل أن تقلع الطائرة.
بحفنة من المال يمكنك استئجار متشرد للوقوف بدلا عنك نصف يوم بكامله في صف التذاكر لحفل موسيقي باهظ التكاليف ، للتأكد من ذلك راجعوا نجم هارفارد مايكل ساندل wat money cant buy والذي يقول معزيا ومحذرا : إن كنت ستضع ملصقا يحدد السعر على كل شيئ فتأكد بأن سعره سيتناقص، كم تكلف كيلية آدمية؟ مائة دولار ربما في الهند؟ خمسة آلاف دولار في تايوان ، ومجانا من لاجئ سوداني في مصر يود عبور صحراء سيناء الى ارض الميعاد. كم يبلغ سعر الشرف؟ الامانة؟ هي اشياء لا تشترى بحسب أمل دنقل ولكن لاقتصاد السوق منطق آخر، المشكلة ليست في اقتصاد السوق كما يقول مايكل ساندل ولكن في مجتمع السوق الذي انتهينا إليه حيث تقاس القيم وتوزن بميزان المال.
في المساحة المخصصة لماكينة القهوة البطيئة المخادعة التي تصدر من الاصوات ما يوحي بأن البن يسحن طازجا قبل نزول الكوب البلاستيكي ، حدثتني زميلتي جميلة ذات الاصل الجزائري بأنها قد عادت لتوها من عطلة للغطس في جزيرة بونير التابعة لجزر الانتيل على الكاريبي. سألتني إن كنت أجيد الغطس؟ أجبتها بأني لا أجيد حتى السباحة، وزدتها في الشعر بيتا بأني لا أقود حتى سيارة . هذا أنا الواقع في ظل ظلي، anti macho لست بذلك الفتي المعني: هباط أودية ، حمال ألوية
اسير في طريق مرصوف أحاول اللحاق بظلي فما أقدر من قلة حيلتي.

إبراهيم حمودة – هيلفرسم 17 يوليو 2012



الحب في اكثر حالاته سطحية
ابراهيم حمودة – كاتب ، ناقد وصحفي
أن تكتب عن الحب تكون كمن يكتب عن قطعة موسيقية " تبدأ وقتما تبدأ وتنتهي حين تنتهي" بحيث لا تعتمد في ذلك على عامل خارجها. الكتابة عن الحب وحواليه مثل الكتابة حول لوحة بحيث لا تغنيك الكلمات عن الحضور البصري للظلال والالوان. وكذلك أمر اللغة إن أبى لودفيج ويتغنشتاين إلا وأن يطل من الركن المجاور.
قلت للمياء والقطار يوشك أن يبلغ وجهته الاخيرة، إن الحب مثل قرميدة تسقط من السقف لتصادف من كتب عليه الشقاء، أو السعادة في أحسن الاحوال (لم لا؟).
أو مثل فاجعة متربصة تنالك وأنت في الطريق لشراء خبز أسمر من متجر المهاجر الكردي في المنعطف المقابل بعد حانوت الجنس شبه المهجور نهارا ، والذي ربما يعود تأسيسه للعقد التالي للبداية الافتراضية للثورة الجنسية، على وجه الدقة عقب اكتشاف اقراص منع الحمل.
للحب حلات وللجنس أخرى ، وحوانيت ايضا. هنا تباع قضبان ذكورية ذات ألوان فاقعة تفضح الايحاء بحالة كونها اعضاء ذكورية، وفراشات مريبة الشكل اقرب لعناكب، ودهانات وزيوت .. ليس في ذكر محتوى المتجر من فائدة تذكر أكثر من المعلومة القائلة أن ثقافتنا الماثلة تجنح لصنع كل شيئ بما في ذلك السعادة. مجتمع الكفاءة وحسن الاداء لم يترك الحب يفلت من حقله الذي يتحكم فيه.
ذكرت ويتغنشتاين، وحرى بي أن اذكر اثنين من رفاقة حتى تكتمل الصحبة وأنا في حضرة الحب لم اغب فيها بعد مثل غيبوبة درويش متشنج. الفرنسي باسكال بروكنر والهولندي كون سيمون. كون سيمون اصغر الفلاسفة الهولنديين والفائز بكأس سقراط التبادلية لهذا العام التي حصل عليها بكتابه :" مرافعة لأجل السطحية" التي اقتبست منها ايحاء عنوان كتابتي اعلاه. وتميز سيمون على رصفائه من الفلاسفة الهولنديين الكبار أنه يتطرق الى مواضيع غير مطروقة خلافا للكبار المهيمنين على الساحة امثال هانز آخترهاوس الذي صرف جل اهتمامه لموضوعة العنف التي ابتدرتها حنا آرندت في منتصف القرن الماضي.
باسكال بروكنر، لأنه فرنسي وتعودت من الفرنسيين شق طرق وعرة لا يقدر الاخر على تتبع خطاهم فيها بسهولة ولكنها تمهد لهم التوغل في طرق جانبية تفضي بنا كل الى وجهة ما ،و لفرط بهجتهم ايضا.مثل فوكو الذي كتب عن تاريخ الجنسانية منبها ايانا الى الكم الهائل من النصوص التي تنظم وتضبط الجسد والرغبة  وكامل حقل الجنسانية دون أن ترد فيها كلمة (جنس) على الاطلاق. كتب بروكنر منتقدا الثورة الجنسية بالاشتراك مع ألان فينيكلكراوت، والثورة الجنسية وما يتعلق بها تصيبني ليس بالفضول فقط ولكن بالشك في حدوثها اصلا.
هل الحب بهذا التعقيد حتى تكون صحبتي بهذا البهاء، بروكنر وسيمون؟ كتبت في نص قديم أننا لا نعرف من العشق غير ظاهره، ذات الجهل الذي يدفعنا للبحث عن ماهية الحب وسره وكيفية حدوثه والكيمياء التي تقف خلفه.
تقول نون المغرمة ببحث تفاصيل الاشياء حتى قاعها، الحب إدمان فحسب. مثل إدمان النيكوتين والمخدرات والكحول. يمكنك الاقلاع عنه بعد معاناة تشبه معاناة من يتوقف عن المخدرات دون استخدام عقاقير مساعدة، طريقة تعرف بـ : ديك الروم البارد، وهي ترجمة ( كولد تيركي). ستصاب بتقلص وآلام في العضلات وفقدان شهية وانعدام تركيز، الى آخر الاعراض التي يبديها المدمن الحقيقي. ليست المعاناة خلف الحب والحرمان منه بهذه الرومانسية التي نسمعها في الاغاني، فالسعادة التي تسببها رؤية المحبوب تعود لمادة الدوبامين التي يفرزها الدماغ لتنساب للجسم مسببة نشوة وسعادة ننسبها للحب.
حين تفارق الاخر يقل افراز مادة الدوبامين الامر الذي يلحظه الجسم ويستجيب للاثار الجانبية الناجمة عنه، اضافة الى أن الاجزاء الامامية  من الدماغ لدى المدمنين تقل فيها المساحة الناشطة من المخ المسئولة عن الارادة والعزيمة وتكبر المساحة المستجيبة للمتعة. فالضعف أمام المحبوب أمر يعود للطريقة التي يتشكل بها الدماغ تكيفا مع حالة معينة.
أما من زاوية علم الاجتماع فإن مفارقة المحبوب تعادل موت شخص غزيز وقريب ، لتصبح الاشكالية اشكالية تكيف أكثر منها فقدان محبوب. ايقاع اليوم من بدايته يجب أن يضبط على شخص واحد بدلا عن شخصين، الاكل ، النوم، التسوق، النزهة، مشاهدة التلفاز الى آخر التفاصيل اليومية. يحدث التكيف بالطبع بابدال نسق من الحركة والسلوك بنسق آخر جديد وهو أمر يتطلب الوقت الذي يلزمه.
إذن لا (يامسهرني) ولا يحزنون. هذا على الاقل من وجهة النظر العلمية المجتهدة اجتهادا يسقط في بئر الادعاء في بعض الحالات. هذا ما يحاول أن يقوله الفيلسوف الهولندي الشاب كوون سيمون (بضم الكاف) في مرافعته من أجل السطحية. نحن نعول على العلم أكثر من اللزوم ونتوقع من العلم أن يحل كل اشكالاتنا بطريقة تحول بين الشخص وبين الاستفادة من تجربته والبداهة المشتركة للناس. اصبحنا نعتمد على العلم  في كل صغيرة وكبيرة. خذ مجال السياسة ، اصبح النقاش  حول القضايا الكبرى في البرلمان غائبا، القضايا الكبرى بما فيها الاجتماعية تحال لمكاتب بحث متخصصة تقتل الامر بحثا وتجري ما يلزم من اسفتاءات وتقدم نتائج وتوصيات جاهزة ليصير النقاش حول نتائج البحث وتوصياته بدلا عن نقاش القضية بشكل مفتوح والاخذ والرد حولها.
في ذات السياق يجئ العلم متدخلا في حقل الجنسانية والحب مقدما ما لايحصى من المبتكرات من تحفيز الليبيدو الى التحكم في المزاج واستدراج الاخربمادة الفراشة الاسبانية المسكوبة خلسة في كوب العصير. لا يختلف في ذلك الشرق من الغرب. الغرب بآلاته وأدواته العملية والشرق بفلسفته الجانحة نحو الداخل وروحانياته من الكاماسترا الى تمارين الاسترخاء التي تفتح مجاري الـ (شكرات) من شاكرا التاج الى السرة.. وكعادة أهل الشرق لا ينهمكون كثيرا في كيف هو الحب وماهيته ولكن كيف لك أن تكون حبيبا حسنا وجيدا.
ولكن كيف حدث لنا اليوم أن نستدرج جميعا لهذا الفخ الموحي بأن الاشياء تصنع والزاعم بسيادة العلم والتكنولوجيا وامكانية تحكمها في هذا المجال؟
باسكال بروكنر يقول بأننا نتوقع من الحب أكثر مما في قدرته، نتوقع منه أن يمنحنا السعادة والاثارة كلها وباستمرار ، إن لم يحدث ذلك نصاب بخيبة الامل العظيمة التي لا مفر منها..
لنقارن ذلك بتوقعنا ومطالبتنا من الحكومة أن تجعلنا شعبا سعيدا، في وقت لا تستطيع فيه اي حكومة دفع شخص للاحساس بالسعادة التي يجب أن تنبع من داخله. بهذا المعنى فإن قطاع الطرق في السودان أفضل حالا وأكثر واقعية في التعامل حتى مع اشياء عملية. تقول الحكاية أن دعاء قطاع الطرق الذين يطلق عليهم (الهمباتة) ينحصر في طلب الصحة والعافية طالبين من الله أن يترك مسألة الرزق عليهم.
لقد صرنا أحرارا كما لم نكن من قبل في أن نقع في الحب ونمارسه في الواقع العملي، ولكن القيود التي تحف بالعلاقة العاطفية قد كثرت بحيث اصبح الامر اكثر تحديدا من ذي قبل: لون الشخص وحجمه وطريقة كلامه وعمره ، اصبحت تشكل عاملا حاسما في اقبال الاخر عليك وقبوله بك. كان من السهل قديما أن تلقى باللائمة على القبيلة والاسرة والطائفة الدينية اذا تعذرت العلاقة العاطفية. أما باستقلالية اليوم والفردية التي تحكم مجتمعاتنا فإن الشخص لا يستطيع ان يلوم غير نفسه مما يجعل التراجيديا اكبر في العلاقات العاطفية.
يشير بروكنر الى مسألة أعتقد أن لها علاقة بعصر التكنولوجيا الرقمية الذي ننتمي اليه وهي تفصيلة أن ما نشاهده في يوم واحد من أخيلة وصور واعلانات ورسائل بصرية يساوي ما يشاهده المرء في كامل حياته في السابق.. وهذا قد يفسر ثقافة السياحة التي اصبحت تطبع الحب. نريد اليوم أن نجرب كل شيئ في الحب مثل زائر لمدينة الملاهي يريد ان يجرب كل اللعبات بحثا عن اثارة مختلفة أو لذة غير متناهية. ذات الأمر الذي دفع بصديقي للاستهجان من حياة الناس الجنسية في الغرب حينما تطرقنا في حديثنا للسادو ماسوخية وحفلات الجلد بالسياط. تحسر صديقي على إضاعة الليل في اسلام الجسد لضربات السوط قائلا بأن هؤلاء الناس قد غلبهم الجماع.
هل للحب وجه آخر؟ نعم . وجه الاستثمار والمكابدة . العرض الصامت لعقد غير مكتوب يقضى بالاستخدام المتبادل لاعضاء الاخر التناسلية بحسب فردريك نيتشة. أما باسكال بروكنر فيسميها المكافأة مشبها الحبيب بالصيرفي أو المضارب في البورصة كلاهما يهدفان الى الحصول على أكبر عائد لاستثماره.


maandag 1 november 2010

مكيدة الزيتون- نص جديد


مكيدة الزيتون

بمشيئة البرق، وبركات الفناء المنذور لغفلة العابرين نحو قاع التذكر، ينفضون نعناع الحنين من على أحلامهم.ينظمون طابور الغياب غير العابئ ، متشاغلا بجدل ضفائره المتدلية مثل حبل يحاكي النصيحة في رجاحتها التي تزيح الغطاء رويدا، رويدا عما يشتهيه القلب، دون أن توقظ الفتنة الممدة الي جواره . مثل الأبدية التي تمل الانتظار ، لتوعز للعاشقين بأن الصراط المستقيم أقرب من غيره للشهوات الرابضة على بضع خطوات في المنعطف المجاور الذي لا تكشفه العين.
للفناء بركات مبذولة للعابرين بهيئات من السكر، تتلمظها المشيئة في استراحتها الكسولة ، قبل أن تمد أصابعها لتوزع البكاء على الشرفات. وقبل أن تربت على كتف الصباح هامسة له بأنه على حق. ليس للصباح أن يمتحن الشمس، فليصبر إذا ، حتى يرد له خيطه ، ليرتق ما انهتك من ثياب اليقين، جاثيا على ركبتيه ، كما يجدر، في استسلامه لخطب تدبره المكيدة.
ناعمة هي المشيئة ، تستدرج العشاق لحظيرة مباهجها ، ناشرة على السياج عطر مناديلها صائحة: هلموا الى وليمة الفتنة من شروق الشمس حتى غياب  الحلم. وقاسية مثل زجاج مشروخ يهمز الأعضاء كى تفيق من خدر الخلود المستعار، وتوزع الرمل على أكف القانعين بلدا، بلدا، قبل أن تبعثر التوق على عباد لا يحسنون الحمد ولا يقربون موارد الشهوة المستسلمة لأرقها.
حمدا لك أيها الفناء الباكي على أهله إن كفيتنا مغبة الرشد، وآتيتنا من بصيص علمك بأن الغواية لم تنم.
للبرق عصاه التي يلقي بها أنى ساورته رغبة الخلق ، من رماد القلب يعجن طينة الشجر الموعود بظله. زيتونة تأوى للطير من كل زوج . تشرح كأحسن ما يكون الخلق ما أراد القلب بعنته، يكايد المشيئة كي تضن بما أراد.
لنعيمها أسعى على عجل، مخاتلا عيون الإله ، ومصابيحه الساهرة، مطمئنا ليده الرحيمة التي توزع الآلام والسلوى، تهب القشعريرة لمن يعير جلده دبيب النشوة، غافلا عن عريه إلا من سروال من الوحل. هكذا يضن الإله بطينه المصرور في منقار حمامة قد لا تعود، وبنوره المستجير بعرجون زيتونة تنوء بسرها.
قال القلب : هيت لك
أنفخ في مزامير الفضيحة ، مزينا للنساء بأن يضعن ثيابهن الموشاة بالنميمة في ظهيرة لا تغالط عريها، ظهيرة تغافل غيبة الحيض كي تشي بالعفاف المشدود الى رسغيه ريثما تقضي الفضيلة وطرها، لتنوء الخصوبة بما أراد الله في غمرة لهوه.
من لي بزيتونتي المشتهاة بقوس حسنها الذي يردد العهد  بأن لى بغيتي وخمري. من لي بدهن طيبها يمسد الوجع المقيم على تخوم صدها الممنون  حين أرضى من الغنيمة بالهيام. تكيد بالسحر المباغت مثل مس البرق ، والصمت المعلق كتميمة تهش النحل عن شهدي. وأكايد بالصبر، ثم الصبر، شأن المشرئب لشأنه، القانع بانقضاء العمر، التائب الى حكمة لم يصنها الوقت.

إبراهيم حمودة
آيندهوفن 12 يونيو 2010